منظمات دولية “تدفع” للنازحين للبقاء في لبنان…هذا ما تتقاضاه العائلات السورية
عُقد الأسبوع الماضي المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين في دمشق بمشاركة 27 دولة ومنظمة، ولكنه لم يشهد مشاركة الدول الكبرى التي تُعتبر أساسية في أي مشروع حل سياسي في سوريا، ومن ضمنه عودة اللاجئين، وغياب الأردن وتركيا أيضاً، ما دلّ على أن المؤتمر لا يعدو كونه تظاهرة سياسية من طرف واحد، وأن أوان عودة اللاجئين السوريين المنتشرين حول العالم، إلى سوريا، لا يزال لم يحن بعد.
ملف النزوح يقتل لبنان
أصحبت مسألة عودة النازحين إلى بلدهم بالنسبة إلى لبنان مسألة حياة أو موت، فالإقتصاد اللبناني، وبعيداً عن السياسة، لم يعد قادراً على تحمّل تبعات هذا النزوح، إذ تكشف مصادر لبنانية رسمية أن حجم الخسائر المباشرة التي تعرّض لها لبنان منذ بدء النزوح السوري إليه عام 2011 وصلت إلى حوالي 10 مليارات دولار، وذلك بعد طرح أرقام المساعدات المالية التي وصلت مباشرة إلى الدولة اللبنانية بسبب النزوح، مشيرة عبر “أحوال” إلى أن الخسائر غير المباشرة هي الأعظم والأكبر، إذ تبلغ حوالي 38 مليار دولار، وهي الكلفة على الإقتصاد والبنى التحتية والأعمال والضرائب والمحروقات والكهرباء والماء.
المساعدات للنازحين بالأرقام
في البيان الختامي للمؤتمر الذي عُقد في دمشق الأسبوع الماضي دعوة للمساعدة على تيسير العودة الآمنة للاجئين السوريين، وحثّ للمجتمع الدولي لأجل المساهمة في هذه العملية. وهنا بيت القصيد، تقول المصادر، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي يقوم بكل شيء لكي لا يعود اللاجىء السوري إلى بلاده، ويسعى بشكل دائم إلى تسييس هذا الملف.
وتكشف المصادر أنه منذ فترة تلقى النازحون السوريون في لبنان عبر مفوضية شؤون اللاجئين، مساعدات تدفئة بلغت 950 ألف ليرة للعائلة، مشيرة إلى أن المساعدات لا تقتصر عند ذلك الحد، فلكل فرد مساعدة شهرية بـ 100 ألف ليرة للمأكل، وقدّمت مبالغ بالدولار لكل عائلة يتعلّم أطفالها عن بُعُد بلغت 50 دولار أميركي وذلك لتشريج الهواتف والإنترنت، كما حصلت كل عائلة على 200 إلى 300 دولار أميركي لأجل المسكن، وذلك بحسب حجم العائلة، مشدّدة على أن ارتفاع كلفة المعيشة في لبنان لا يهمّ النازح لأن قيمة المساعدات ارتفعت أيضاً، وبالتالي لن يفكر بالعودة إلى بلاده.
هذه الأموال تدخل في حساب كل نازح سوري يملك بطاقة خاصة لهذه الغاية، مع العلم أن الاعداد التي تعترف بها المنظمات الدولية تصل إلى حوالي 890 ألف نازح، ويقومون بسحبها عبر أحد المصارف المعتمدة لهذه الغاية. ولكن هذا ليس كل شيء، فالمنظمات تدفع عن كل طالب سوري يتسجّل في المدارس الرسمية مبلغ 900 ألف ليرة لبنانية، كانت تدفع بالدولار أي 600 دولار أميركي، وعدد الطلاب السوريين في لبنان يزيد عن 200 ألف،وفي سنوات سابقة كانت تدفع 550 ألف ليرة عن كل طالب يتسجل بالدوام الصباحي، كما يحصل الطلاب على الكتب والقرطاسية مجاناً عبر المساعدات الدولية.
وأيضاً ليس هذا كل شيء، فمع بداية أزمة النزوح رصدت المفوضية العليا لللاجئين مبلغاً وسطياً قيمته 1500 دولار أميركي لاستشفاء وطبابة الفرد الواحد من المسجلين لديها، مع العلم أن في أحيان كثيرة تحمّلت الدولة اللبنانية جزءاً من كلفة طبابة النازحين.
منظمات دولية وفق أجندة سياسية
وفي هذا السياق يؤكد المتابع لملف النزوح السوري نوار الساحلي أن المنظمات الدولية العاملة في لبنان على خط النزوح، وعلى رأسهم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تعمل بعكس عنوانها، وما سمعناه بالأيام الماضية من دفع مساعدات للسوريين يؤكد أن ما يقومون به هو لتشجيعهم على البقاء في دول النزوح وليس لمساعدتهم على العودة إلى بلادهم كما يفترض واجبهم، وهذا ما يعتبر منافياً للمنطق.
ويضيف في حديث لـ”أحوال”: “هم يدّعون أنهم يعملون لعودتهموأن سوريا غير جاهزة، ويتذرعون بأمور وحجج دحضها المؤتمر الأخير بدمشق منذ أيام، إذ لم يعد هناك من عذر بالقول أن الدولة السورية ليست مستعدة، بل هي أعلنت جهوزيتها عبر حديث الرئيس بشار الأسد والوزراء المختصين بالمؤتمر الأخير، وبالتالي ليس هناك ما يمنع هذه العودة سوى العرقلة الدولية ومساعدتهم في بلاد الإيواء بدل تشجيعهم للعودة ومساعدتهم في سوريا بكلفة أقل حكماً، لأن التكلفة المعيشية في سوريا أرخص من لبنان والأردن وتركيا”.
كما يكشف الساحلي أن المنظمات تعمل بالسياسة، وربّما تعوّل هذه المنظمات ومن خلفها الدول التي ترعاها على تصويت النازحين السوريين ضد الرئيس الأسد في الإنتخابات السورية العام المقبل، مشيراً إلى أن هذه المنظمات قد تعمد لممارسة الضغوط على النازحين أو ترغيبهم بالمساعدات لأجل أهداف سياسية.